إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
217592 مشاهدة
سنن الفطرة

قوله: [فصل: يسن حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظافر ] لحديث أبي هريرة مرفوعا الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط متفق عليه .


الشرح: هذا الفصل عقده المؤلف لبيان سنن الفطرة- كما سيأتي- وقد سميت هذه السنن بهذا الاسم؛ لأن الله فطر كل ذي عقل على استحسانها، أو أنها مستحسنة شرعة وطبعا، فلو لم يأت الشرع بها لكانت العقول تشهد بملاءمتها للإنسان.
وقيل: المراد بالفطرة السنة، وهي مستحسنة، ومستقبح ضدها، فمن تركها فإنه سيتقبح وتنفر منه الطباع وتستوحش من رؤيته، وعدد هذه السنن كما جاءوا حديث أبي هريرة الذي ذكره الشارح- خمس.
وهي:
أولا: حلق العانة، وهو ما يسمى بالاستحداد، لاستعماله آلة الحديد فيه، وهي الموسى وغيرها، والعانة هي منبت الشعر فوق قبل المرأة وذكر الرجل، فيسن لهما جميعا حلق هذا الشعر وإزالته لئلا يتأذى الإنسان برائحته، وذهب بعض العلماء إلى أنه يستحب نتفه لا حلقه لأن الحلق يكثر الشعر، وقال، آخرون: بل يحلقه لأن النتف يرخي المحل والحلق يشده، والصواب أن له إزالتها بما شاء؛ لأن بعض الناس قد يشق عليه نتف الشعر ويسهل عليه حلقه، أو إزالته بالنورة، فله ذلك.
ثانيا: نتف الإبط، وهو باطن المنكب، فيسن للإنسان- أيضا- إزالة شعره لئلا يكون مصدرا للرائحة الكريهة، وله ذلك بما يسهل عليه من الحلق أو النتف- كما سبق-.
ثالثا: تقليم الأظافر، فيسن هذا للإنسان للحديث السابق، وهذا يشمل أظافر اليدين والرجلين، وقد استحب بعض العلماء المخالفة في تقليمها، وقالوا: (من قص أظافره مخالفا لم ير في عينيه رمدا) وصفة المخالفة أن يبدأ بخنصر اليمنى، ثم الوسطى، تم الإبهام، ثم البنصر، ثم السبابة، ثم إبهام اليسرى، ثم الوسطى، ثم الخنصر، ثم السبابة، ثم البنصر.
ولكن هذه الصفة ليس عليها دليل من الكتاب والسنة، وأما الأثر السابق فضعيف جدا، ولهذا قال ابن دقيق العيد (ما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة، ولا يجوز اعتماد استحبابه؛ لأن الاستحباب أمر شرعي لا بد له من دليل) فالصواب أنه يقلم أظافره على أي صفة كانت.